الزكاة
بسم لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ،
اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً ،
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أما بعد،
الزكاة هي ركن من أركان الإسلام و عادة ما تدكر مع ذكر الصلاة في القران لما تكتسيه من أهمية في إبراز المد التضامني في الإسلام.
التعريف بالزكاة لغة و شرعا
معنى الزكاة في الغةً هو النماء والتطهير.
يقول الحق تعالى:
قد افلح من تزكى (الأعلى-14)
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ( الشمس-9)
خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم والله سميع عليم (التوبة-103)
ويرجع السبب في تسمية الزكاة بهذا الاسم؛ لأنّها سببٌ في تطهير النفس من رذيلة البخل.
وأمّا في الشرع فهي مقدارٌ محددٌ ، يُؤخذ من أموالٍ معينةٍ لدي الأغنياء ويُصرف لطائفةٍ مخصوصةٍ من ضعفاء الحال.
وجوب الزكاة
الزكاة هي ركنٌ من أركان الإسلام، وهي واجبةٌ و تدل على وجوبها الكثير من الايات القرآنية و والأحاديث النبوية، وقد
إجمعت الأمة على ذلك.
يقول المولى عز و جل:
يا ايها الذين امنوا ان كثيرا من الاحبار والرهبان لياكلون اموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله
والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم (التوبة-34)
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس،
على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه.
كما أجمعت الأمة على أنّ ترك الزكاة من كبائر الذنوب، وإن تركها جحوداً لوجوبها،
يعتبر كفراً مخرجاً من الإسلام؛ لأنّ وجوب الزكاة معلومٌ من الدين بالضرورة، ولا يُعذر مسلمٌ بجهله،
إلّا إن كان حديث العهد في الإسلام، أو نشأ في باديةٍ نائيةٍ.
يقول رسول الله صل الله عليه وسلم
ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين.
شروط الزكاة
و شروط وجوب الزكاة على كل مسلم و مسلمة:
1 -
الملك التام:
كما جاء في قوله تعالى :
وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله
والذين يبتغون الكتاب مما ملكت ايمانكم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا واتوهم من مال الله الذي اتاكم
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان اردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فان الله من بعد
اكراههن غفور رحيم. النور-33)
و
وأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ. (الحديد-7)
فإن المال هو مال الله استخلف عباده فيه و كلفهم بحسن إدارته و استعماله في ما يرضيه كما بين لهم ذلك،
وهكذا أصبح هذا المال ابتلاءً لهم، ومسؤولية عظمى تجاه خالقهم.
ولكن و رغم تمليكهم لهذا المال فإنه ينبههم حتي لا ينسيهم ما خلقهم من أجله ألا وهو عبادته و إعمار الأرض بما يرضيه
فقال سبحانه و تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ
وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ.(الحديد-7)
و من هنا المقضود بالملكية، و بما أن المالكية الحقيقية للمال تعود لرب العالمين،
هو أن يكون المسلم حائزاً للمال حيازةً كاملةً تمكّنه من التصرّف به في أيّ وقتٍ ومن دون أي قيودٍ،
أو شِرْكةٍ مع أحدٍ.
فبهذاالشرط يُستثنى من الزكاة:
الأموال العامة، أموال الوقف ، الأموال الحرام بكل أنواعها، المسروقة، الرشوة، أموال الدين إن كان الدين غير مرجوّ السداد حتى يسترد.
فإن كان مال الدين مقرّ به و استرجاعه متأكد فوجبت زكاته.
2 -
النماء:
ينبغي للمال أن يكون قابلاً للنماء و الزيادة حتى تجب عليه الزكاة، حتى يو لم يعمل صاحبه على نمائه.
يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
ليس على المسلمِ في عبدِه ولا في فرسِه صدقةٌ.
وبناءً على ذلك فلا زكاة على المال طالما أنّه لا يقبل النماء.
أما إذا كان المال غير قابل للنماء و الزيادة، كمال الدين أو المال المغصوب الميئوس من استرجاعه و تحصيله،
فلا تجب الزكاة عليه.
3 -
بلوغ النصاب:
النصاب، الخاص بكلّ نوعٍ من أنواع الأموال، هو المقدارٌ المحددٌ شرعاً والذي إذا بلغه هذا المال وجبت عليه الزكاة.
4 -
مرور الحول :
يعني مرور اثني عشر شهراً هجريا على المال عند مالكه حتى تجب عليه الزكاة،
و شرط الحول خاص بالنقود، والأنعام، والتجارة،
وأمّا ما تنتجه الأرض من زورع ومعادن وحتى العسل، لا يُشترط فيها مرور الحول، ويزكّى مباشرة بعد حصاده.
5 -
تلبية الحوائج الأصلية:
والمقصود بالأصلية حاجات الإنسان وأهله الأساسية من غير إسرافٍ ولا تقتيرٍ.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
إبدأْ بنفسِك فتصدَّقْ عليها، فإن فضَلَ شيءٌ فلأهلِك، فإن فضَل عن أهلِك شيءٌ فلذى قرابتِك،
فإن فضَل عن ذى قرابتِك شيءٌ فهكذا وهكذا، يقولُ: فبين يدَيك وعن يمينِك وعن شمالِك.
6 -
السلامة من الدين:
قبل احتساب النصاب يجب سداد الديون، وإن نقص المال عن النصاب، فلا تجب عليه الزكاة.
ما هي الأموال التي يجب فيها إخراج الزكاة؟
تجب الزكاة في أنواع الأموال التي يجب الزكاة فيها بوبت كما يلي:
* زكاة الأنعام الإبل والبقر والغنم (الضأن والماعز) وبعض العلماء أوجب الزكاة حتى في الخيول.
* زكاة النقد وهوالذهب والفضة سواء كان مضروبا أو غير مضروب كالسبائك وغيرها، غير أن العلماءاختلفوا في وجوب زكاة الحلي المباح من الذهب والفضة من عدمه.
* زكاة النبات أو المعشرات مثل الزروع، الثمار. المعادن، التجارة.
* زكاة العملات المعدنية والورقية، التي حلت محل عملة الذهب والفضة فأعطيت حكمها وقيمتها حتما، وذلك باتفاق العلماء
في الفتاوى الرسمية المعاصرة.
نصاب الزكاة
نصاب الزكات حسب نوعٍ المال، كما نبينه في ما يلي:
1 -
المال نقدا:
* النصاب تحدده دور الإفتاء و من هذا النصاب المزكي يدفع 2،5 بالمائة.
2 -
الأنعام:
* نصاب الزكاة من الماعز، أو الغنم أربعون رأساً.
* نصاب زكاة الإبل خمسة إبل.
* نصاب الأبقار والجاموس ثلاثون رأساً.
ويُشترط أن تكون الأنعام سائمة (طليقة)،أي أنّها تُعتمد على الرعي المباح في طعامها بقصد الزيادة، والنسل، والسمن.
3 -
الذهب والفضة:
* نصاب الذهب 85 جرام من الذهب الخالص عيار 24 أو 97.14 جرام من الذهب عيار 21 أو 113.33 جرام من الذهب عيار 18.
* نصاب الفضة 595 جرام من الفضة عيار 99.9.
و الله و رسوله أعلم