التوبة ... لماذا و كيف
المقدمة
أكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها فضلاً عن القيام بها علماً عملاً، وإذا عرفوا الطريق فهم لا يعرفون كيف يبدءون.
سنحاول فيما يلي الوقوف على حقيقة التوبة، والطريق إليها عسى أن نصل إليها.
كلنا مذنبون، كلنا مخطئون، نقبلُ على الله تارة وندبر أخرى، نراقب الله مرة، وتسيطر علينا أخرى، لا نخلو من المعصية، ولا بد أن يقع منا الخطأ، فلسنا بعصومين «
كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» [حسنه الألباني].
والسهو والتقصير من طبع الإنسان، ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أن فتح له باب التوبة، وأمره بالإنابة إليه، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي. ولولا ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته.
أين طريق النجاة؟
قد تقول لي: إني أطلب السعادة لنفسي، وأروم النجاة، وأرجو المغفرة، ولكني أجهل الطريق إليها، ولا أعرف كيف أبدأ؟، فأنا كالغريق يريد من يأخذ بيده، وكالتائه يتلمس الطريق وينتظر العون، أريد من أمل، وشعاعاً من نور، ولكن أين الطريق؟
والطريق أخي الحبيب واضح كالشمس، ظاهر كالقمر، واحد لا ثاني له، إنه طريق التوبة.. طريق النجاة.. طريق الفلاح.. طريق سهل ميسور، مفتوح أمامك في كل لحظة، ما عليك إلا أن تطرقه، وستجد الجواب: {
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82].
بل إن الله تعالى دعا عباده جميعاً مؤمنهم وكافرهم إلى التوبة، وأخبر أنه سبحانه يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها مهما كثرت، ومهما عظمت، وإن كانت مثل زبد البحر، قال سبحانه: {
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].